الاثنين، 30 نوفمبر 2009

قد تأسرك فكرة؟


قد تأسر الانسان فكرة ......
الأسر ..كلمة لا نحبها ، فإذا سألت أي انسان تقابله هل أنت حر أم أسير ؟ يبادرك مندهشا : حر طبعا ..ولكن هل صحيح أننا أحرار ؟ ولنبدأ من الأول.
ما هي الحرية ؟ الحرية ببساطة من وجهة نظري أنني واثق أنني أستطيع أن أقول أو أفعل ما أؤمن به ...ولكن قبل ذلك أي قبل القول والفعل ألا أفكر ربما كان ايماني هذا بفكرة معينة هو نوع من الأسر ؟
ولتوضيح هذا ...اضرب مثلا اذا كان شخص ما يعيش في الهند ويعتقد بالديانة البوذية الذي ترى تقسيم البشر حسب خروجهم من الاله فالذين يخرجون من رأسه أو من صدره أسيادا والذين خرجوا من قدمه تابعين ويؤمن أن الهه بوذا قد خلقه من قدمه ... وبذلك أراد هذا الاله أن يجعله من طائفة المنبوذين ، وهذا هو قدره الذي عليه أن يتقبله ، فعاش عمره يجتهد في خدمة أسياده الذين خرجوا من صدر الاله أو من رأسه ...هل يكون هذا الانسان حرا؟
اذا ظن أحد الموظفين أن واجبه في العمل أن يطيع رئيسه سواء كان على حق أم باطل ..وتعامل مع عمله أن الميزان لأنه يعمل كما يجب أن يرضى عنه الرئيس ، فأصبح ينفذ تعليماته حرفيا بدون أن يفكر في الصالح العام وربما يتحول جهده وعمره الى بناء المجد الشخصي للرئيس ...هل يكون هذا الانسان حرا ؟
اذا سيطرت فكرة على رئيس تحرير جريده أن عليه أن يراعي الخطوط الحمراء في جريدته ، وأن يجعل كل الكتاب لا يتجاوزونها ، وأن حرمان الكاتب من انطلاقه في التعبير هو السبيل الصحيح لعدم حدوث فوضى وأن الرئيس يعلم ويرى ما لا يراه الآخرون ، وجعلته هذه الفكره يرفض كثيرا من المقالات حتى لا يغضب منه الرؤساء ...هل يكون هذا الانسان حرا ؟
اذا كان هناك عملا تطوعيا يحتاج الى جهد ووقت وأفكار جديدة وقام فرد بالسيطرة على المنصب الرئيسي في العمل التطوعي متصورا لأنه الأكبر سنا فلا يجوز أن يدع هذا المنصب لغيره واستمات على البقاء ، فهل يكون هذا الانسان حرا؟ .
اذا حاول مجموعة من البشر أن يقوموا بعمل جماعي واعتقد واحد منهم أن هذا العمل لا ينجح , إلا إذا كان هو الزعيم الأوحد ورفض التنازل عن زعامته متصورا أن قيمته في منصبه وإن على الجميع أن يبدوا له ما يليق به من احترام بمعاملته على أنه الزعيم وسيطرت عليه فكرة الزعامة فضحى بالهدف الكبير لحساب صراعات ضيقة أصر فيها على فكرة أنه الوحيد الذي يجب أن يرجع الجميع اليه ..هل يكون هذا الانسان حرا ؟
اذا اعتقدت أم أن مكانتها عند أولادها وقيمتها كأم صالحة أن تنفذ لأولادها ما يطلبونه سواء كان هذا في قدرتها أو تتحمل فوق طاقتها لتحقيق طلباتهم بدون أن تحاول اشعارهم أن عليهم أن يقدروا أنها انسانه لها الحق في الراحة وعليهم كذلك أن يحاولوا اسعادها وسيطرت عليها فكرة الشمعة التي تحترق لتنير للآخرين ، رغم أن هناك شموعا حديثة تنير بدون أن تحترق فهل نعتبر هذه الانسانة حرة ؟
اذا اعتبر أب أن دوره في الحياة أن يكون ممولا لجميع طلبات أولاده بغض النظر عن مشروعية هذا الطلبات ، وسيطرت عليه فكره أن الأب الصالح هو الذي يلبي جميع طلبات أولاده حتى لو أدى هذا الى نشوء جيل أناني يرى أنه مركز الكون وعلى الجميع أن يسرعوا لتنفيذ طلباته ، وغفل الأب أن من يتعود على الأخذ فقط ، يصعب عليه العطاء ، فهل نرى هذا الأب حرا ؟
إذا دخل انسان في صراع طويل مع آخر ، ورفض التنازل عن أي مطلب صائب يطلبه الآخر منه ، وسيطرت عليه فكرة أن التنازل للآخر هو تنازل على الكرامة ، وكأن كرامته على طرف يده كلما هبت عليه نسمة هواء ظنها ماسة بكرامته فأرغى وأزبد ، هل نرى هذا الانسان حرا ؟
ان كثيرا منا يظنون أنفسهم أحرارا ، ولكن كذلك فإن كثيرا مما نظنه بدهيات يحتاج إلى مراجعة منصفة للأفكار أولا قبل الأقوال والأفعال .

مهندس عمرو عرجون
elshehabco@yahoo.com