الأحد، 30 أكتوبر 2022

ولماذا السكوت ؟

 (3)

ولماذا السكوت ؟

تتعدد أسباب السكوت ، بتعدد أنواعه ... ومن أكثر دواعي السكوت هو الخوف ...يخاف الانسان أن يبوح بسره فلا يحفظه من باح له في زمن قلّ فيه المؤتمن ...ويخاف أن يحكي عن نقاط ضعفه فتهتز صورته أمام سامعه ، يخاف أن يعترف بتجارب فشل فيها ،أو انكسارات عانى منها فكتمها ، أو مواقف كان فيها أحمق أو جبُن عن مواجهة أحداثها أو كان فيها بخيلاً بما لديه ...وكأن الانسان يجب أن يكون دائماَ حكيما ً شجاعاً كريما ً .

وقد يخاف من النقد أو التنمر من البشر أصحاب الأصوات العالية والضحكات الصاخبة ذوي القلوب الميتة ، المستهزئون بأصحاب القلوب الطيبة الذين يفتحون قلوبهم بصدق ، فلا يجدوا عقل يفهم ، أو قلب يشعر بل يجدون خشبٌ مسنّدة .

هذا عن الخوف من البوح بالمشاعر ، وهناك خوف من البوح بفكرة مختلفة عن ما يقوله الناس حوله ، فيقاسي معاناة المختلف ، حين يخرج عن فكر معارفه ليواجه عواصف المألوف من الأفكار ، تدفعه دفعاً ليعود إلى الصف ليعتقد ما يعتقدون ويقول ما يقولون ،  ومن منّا لا يخاف الصدام الفكري مع الآخرين في مجتمع يعشق التصنيف والقولبة ، فيضع كل مختلف في الرأي في قالب يتخيله ... ليسهل عليه تقليل شأنه أو نبذ مقولته حتى لا يستمع ولا يفكر ...فهو يعتقد مستكبراً أن رأيه هو الحقيقة المطلقة .

والخوف شعور انساني يشعر به الأسوياء من البشر ، ولكنه حين يزيد ويستولي على مساحة حرية الفكر أو سعة الصدر لقبول المختلف ، يصبح الانسان حينئذ أسيراً من حيث لا يدري ، والحياة تستحق أن نعيشها أحراراً ننطق بما يعتلج في صدورنا ونحترم ما في صدور الآخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق